أطفال سودانيون من مخيم أدري للعبور يفتحون قلوبهم
تدير أطباء بلا حدود منذ عام أنشطة استجابة طارئة في شرق تشاد لتلبية الاحتياجات الطبية والإنسانية للاجئين الذين أجلوا من السودان بعد اندلاع الحرب. ومنذ بدء النزاع في أبريل/نيسان 2023 وحتى يونيو/حزيران من هذا العام، وصل أكثر من 600 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
وضمن إطار استجابتنا المرنة لهذا النزوح، نقدم الدعم للأطفال في عياداتنا في مخيم أدري للعبور ومخيم أبوتينغي، حيث نوفر الخدمات الصحية الأساسية للأطفال. ومنذ مطلع العام الحالي وحتى شهر يوليو/تموز، قدّمنا قرابة 43709 استشارة لأطفال ما دون سن الخامسة في هذه العيادات المخصصة لطب الأطفال.
قمنا مؤخرًا بحملة تطعيم ضد الحصبة للأطفال في مخيم أدري للعبور في الفترة الممتدة من 8 إلى 13 يوليو/تموز. وخلال هذه الأيام الستة، تلقى اللقاح أكثر من 22 ألف طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و14 سنة. أقمنا سبع نقاط تطعيم في المخيم ونشرنا وحدات متنقلة في جميع أنحائه للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال.
في الشهادات التالية، نشارك أصوات أطفال سودانيين، بين السابعة والثانية عشرة من العمر، يتحدثون فيها عن حياتهم في المخيم: عن مواهبهم، وهواياتهم، واحتياجاتهم كأطفال، ورغباتهم المستقبلية.
مشتهى- عشر سنوات
"أفتقد الجلوس على الكراسي؛ لا كراسي هنا، فنحن نجلس دائمًا على الأرض".

من اليسار إلى اليمين: مهالي (حاملةً توم بفخر)، وملهم، ومحمّد، وميهاف، وميهان، ومشتهى
"لدي أربع أخوات وأخ واحد، حتى أن أختي الصغيرة ولدت في مستشفى أدري قبل خمسة أشهر. نعيش جميعًا مع أبي وأمي. لأمي متجر صغير أمام الملجأ الذي نسكن فيه، تبيع فيه الحلويات. كانت الحياة مختلفة قبل مجيئنا إلى هنا. كنا نعيش في مدينة الجنينة، والآن نعيش في هذه الملاجئ منذ تسعة أشهر. الحياة صعبة في المخيم.
لا كهرباء هنا، ولذا لا أشاهد التلفاز... كنت أحب مشاهدة قناة MBC3، وهي قناة للأطفال. أفتقد الجلوس على الكراسي؛ لا كراسي هنا، فنحن نجلس دائمًا على الأرض.
نحن في وسط الصحراء، ولذا لا أشجار نلعب في فيئها. بنى والداي ملجأً بسقف معدني لننام تحته، وهو المكان نفسه حيث نقيم ونلعب... عندما هربنا من الجنينة، أحضرنا معنا بعض الألعاب: بعض الدمى والقط توم المتكلم. لكنّ توم لم يعد يتكلم لأن البطاريات فرغت.
في الجنينة، كنت أذهب إلى المدرسة. لكن ليس من مدارس هنا. لماذا لا توجد مدارس هنا؟ أريد أن أصبح طبيبة، ولمَ لا أعمل مع أطباء بلا حدود. ولكن كيف عساي أفعل ذلك وأنا خارج المدرسة؟
أذكر عندما جئنا إلى هنا لأول مرة، كان أول فريق إنساني رأيناه هو فريق أطباء بلا حدود: نسميهم "أطبّا". عندما أمرض أنا أو إخوتي، نذهب إليهم. عندما زرت أطباء بلا حدود آخر مرة، حصلت على اللقاح ضد الحصبة. لم أبكِ عندما تلقيت اللقاح، على عكس أختي الصغيرة. حتى أن الإبرة لم تؤلمني".
-------------
زمزم – 12 سنة
"لو استطعت، لعدت إلى مدينتي اليوم".

زمزم (في الوسط)، محاطة بابنة عمها وأخويها وأختها وأمها. الأشقاء: محمد (القميص البنفسجي)، والفادق (أبيض)، وأحميدة (أزرق)، سواكن (أخضر)
تعيش زمزم في مخيم أدري للعبور منذ قرابة 15 شهرًا، وهي من الجنينة، عاصمة غرب دارفور.
"الظروف المعيشية هنا في المخيم صعبة. فلا ملابس لنا هنا ولا وجبات مناسبة ولا كهرباء ولا مدرسة. جئنا من السودان سيرًا على الأقدام. وسُلب منا كل ما كان معنا خلال الرحلة.
أنا أكبر إخوتي الخمسة. أحب كوني الأخت الكبرى لأنني أستطيع إعطاء التعليمات للصغار. أشد ما أفتقد هو الذهاب إلى المدرسة. كنت طالبة متفوّقة، ودائمًا ما كنت من بين الطلاب الثلاثة الأوائل في صفي.
لا شيء مميز نقوم به هنا. نبقى في المنزل طوال اليوم، في الملجأ الذي بنته أمي أو في فنائنا الصغير، ولكن ما من فيء نستظل به. أنا أعرف "أطبّا" (أطباء بلا حدود) أيضًا. ذهبت إلى عيادتهم مرة واحدة عندما كنت مريضة، كما حصلت مؤخرًا على اللقاح ضد الحصبة. آلمتني الحقنة لكن أحدًا لم يبكِ من إخوتي الذين أخذوا اللقاح. كانوا جميعًا شجعانًا.
أريد أن أصبح طبيبة في المستقبل لأعتني بالناس. وإن أمكن، سأعود إلى الجنينة على الفور، حتى اليوم إذا كان ذلك ممكنًا، وسأعود إلى المدرسة على الفور. هذا بلدي، ولن أتردد للحظة واحدة لو كان آمنًا.
-------------
ريان- سبع سنوات
"أصنع طقم الشاي باستخدام الطين الذي يتكوّن بعد هطول الأمطار. هل تريد كوبًا من الشاي؟"

ريان من أردمتا شمال شرق الجنينة. وصلت إلى شرق تشاد منذ عام واحد.
"الحياة لا بأس بها هنا. على الأقل، هنا لا نسمع طلقات نارية. أحب صناعة الفخار، وصنع الأواني الصغيرة والأكواب وأباريق الشاي والمباخر (تُستخدم المباخر لحرق الأعشاب العطرية من أجل تعطير الغرفة). وأصنع كل شيء بالطين الذي يتكوّن في المخيم بعد هطول الأمطار، وأتركها تجف تحت أشعة الشمس.
أتظاهر بإقامة حفلة شاي مع أطفال آخرين. في السودان، كانت اللحظة المفضلة بالنسبة إلي في المدرسة هي عند نهاية الصف، عندما كانوا يعطوننا لعبة طقم الشاي لنلعب بها. لكن بما أنني لم أعد أذهب إلى المدرسة، فقد صنعت طقم شاي بنفسي حتى أتمكن من الاستمرار في اللعب.
أعرف أطباء بلا حدود جيدًا. زرتهم مرة عندما كنت مريضًا ومرة عندما أخذت اللقاح ضد الحصبة. لاحقًا، أريد أيضًا أن أصبح طبيباً. السبب الرئيسي هو لرعاية والدي الذي بُترت ساقه بسبب السكري (حدث ذلك في السودان). منذ أن وصل إلى أدري وهو يذهب إلى عيادات أطباء بلا حدود عدة مرات لتغيير ضمادته. وهو الآن بخير. إلا أن أمي الآن هي الوحيدة القادرة على العمل لتغطية احتياجات الأسرة. وهي لا تمانع القيام بأي مهام، من تنظيف الملابس إلى جمع الطوب.
جاءت أمي إلى هنا أولاً معي وأخواتي الخمس لكي نستقر في المخيم، ثم عادت إلى أردمتا لتبحث عن والدي وتحضره إلى هنا على متن عربة. عندما يسألني الناس عما إذا كنت أرغب في العودة إلى المنزل، أجيب: "لا". أنا بخير هنا".
-------------
أمان – 11 سنة

من اليسار إلى اليمين: أمان وأختاها نوال وميادة
"أحب الطبخ. إذا كان لدي أي طحين يمكنني تحضير الحلويات. أتعرف الكعك المقلي؟"
"ليست الحياة في المخيم على ما يرام. وصلت إلى هنا منذ خمسة أشهر من الجنينة. أنا ثاني أصغر إخوتي التسعة، نحن ثلاثة أولاد وست فتيات. مأوانا صغير جدًا، وليس لدينا أغطية بلاستيكية حتى الآن. الأمر معقد عندما هطول الأمطار. ليس لدينا ما يكفي من الطعام أو البطانيات أو الحصائر على الأرض.
وضعت زوجة أخي مولودها تحت الملجأ منذ شهر. لم تجد أي منشأة صحية لرعايتها. لقد كانت مريضة لفترة، ولكن في النهاية ساعدتها أطباء بلا حدود وهي الآن بحالة أفضل.
غالبًا ما أذهب إلى السوق المحلي في المخيم لشراء الطعام والمساعدة في الطهي، وأكلنا عادةً من الأرز وصلصة الطماطم. لكنني أتمنى لو كان لدينا المزيد من الطحين حتى أتمكن من تحضير الحلويات كالكعك المقلي.
كنا نشعر بالراحة في الجنينة، لكن ليس هنا. فلا مدارس ولا كهرباء هنا. كانت هناك مدرسة دينية في مربعنا السكني في المخيم من قبل، لكنها لم تعد موجودة. لو أتيح لي الخيار، فسأعود إلى السودان على الفور.
وفي المستقبل، أود أن أكون "قائدة المتطوعين" في المخيم لأنني أريد تغيير أمور النازحين إلى الأفضل، وضمان توزيع جميع المساعدات على الجميع بالتساوي. ولو كان بإمكاني تغيير أي شيء، لبنيت مدرسة هنا.
في المخيم، عادة ما ألعب مع صديقاتي. نبني بالطين منازل صغيرة أو حيوانات صغيرة مثل الخيول أو الحمير. نستمتع باللعب بها، لكن معظمها تفتتت إلى أشلاء مع هطول الأمطار الأخيرة. نربط أحيانًا حبلًا في الشجرة لنصنع أرجوحة ونلعب بها طوال اليوم. تعيش صديقتان عزيزتان في ملجأ غير بعيد عن ملجأي. كنت أعرفهما من الجنينة؛ فقد كنا في نفس الصف هناك. والآن نعيش في نفس المربع السكني في مخيم عبور اللاجئين هذا".
-------------
مازم- 12 سنة
"هكذا نلعب دائمًا: مدريد ضد برشلونة".

"أنا من الجنينة. أنا الأكبر بين ستة أشقاء. لديّ شقيقتان وثلاثة أشقاء. أعيش هنا منذ أكثر من عام وأتقاسم الملجأ مع اثنين من أبناء خالتي أيضًا. فقد عادت خالتي إلى السودان منذ بضعة أسابيع لتحاول العثور على زوجها المفقود منذ أشهر.
لا بأس بالحياة هنا. أقضي أيامي في لعب كرة القدم، والصلاة، ثم لعب كرة القدم مرة أخرى. عندما ألعب كرة القدم، أتّخذ دومًا المركز نفسه: الجناح الخلفي. فريقي المفضل هو ريال مدريد. انظر! شعاره على سروالي الرياضي. ولاعبي المفضل يبقى كريستيانو رونالدو، على الرغم من أنه لم يعد يلعب في ذلك الفريق.
يشجع شقيقي فريق برشلونة، ويرتدي قميص الفريق طوال الوقت. هكذا نلعب دائمًا: مدريد ضد برشلونة.
في البداية، كانت لدينا كرة، لكنها اهترأت بمرور الوقت. لذلك، قمنا بحشو جورب بالبلاستيك وصرنا نلعب به الآن.
هناك ملعب كرة قدم بالقرب من المخيم. نلعب هناك، ودائمًا ما نكون 24 طفلًا، لا يتغيرون، وهو عدد كافٍ لتشكيل فريقين. التقيت ببعضهم في المخيم ولكني أعرف آخرين من الجنينة سابقًا.
في كثير من الأحيان، يبقى الجيران الذين أجلوا على اتصال ببعضهم البعض خلال الرحلة من السودان. وبالتالي، ينتظر أولئك الذين وصلوا أولًا على الحدود لاستقبال الوافدين الجدد ونقلهم إلى مربعهم السكني حتى يتمكنوا من الاستقرار هناك. وبهذه الطريقة، نعيد إنشاء حينا السابق في المخيم ونبقى محاطين بمعارفنا.
في بعض الأحيان، أتجول أيضًا في المخيم لأجمع الحطب لأمي لكي تطهو. كما ينبغي علي القيام ببعض الأعمال لدعم عائلتي. لذا، أعمل صانع أحذية بدوام جزئي. وأتوجه إلى السوق عدة مرات في الأسبوع لتلميع الأحذية وإصلاح أحذية أخرى خاصةً وأنني تعلمت الخياطة. لا تكفي المواد الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية، ولذلك أشتري القليل من الخضار وحتى اللحوم لأنها غير مشمولة بالمساعدات.
في المستقبل، أود أن أصبح طبيبًا لأساعد الناس وأشفيهم - "كل الناس". أعرف أطباء بلا حدود لأنهم يديرون عيادة أطفال ليست بعيدة عن الحدود. ذهبت إليها مرة واحدة مع والدة صديقي الذي كان هناك".