بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم الدامي على مخيم زمزم، آلاف النازحين في طويلة يواجهون شحّ المأوى والمياه والغذاء

Three weeks on from the deadly attack on Zamzam
تمرير
7 مايو 2025
مستجدات
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

بعد مرور ثلاثة أسابيع على الهجوم البري الواسع الذي شنّته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم في أوائل أبريل/نيسان 2025، لا تزال التقارير تشير إلى تصاعد حدة القتال في الفاشر، مع استمرار تدفّق النازحين إلى منطقة طويلة في شمال دارفور1. ونظرًا إلى تصنيف مخيم زمزم كموقع يعاني من مجاعة منذ أغسطس/آب 2024 وإصابة عدد كبير من الأشخاص بجروح بالغة خلال الهجوم، يصل الوافدون إلى طويلة في أوضاع بالغة الصعوبة، مما يثقل العبء على خدمات الطوارئ والتغذية في المستشفى الذي تدعمه أطباء بلا حدود في المدينة.

وفي هذا الصدد، تقول مريمالبالغة من العمر 40 عامًا، والتي وصلت إلى طويلة بعد ثلاثة أيام من الهجوم على مخيم زمزم، "جاؤوا بأسلحتهم الرشاشة. هاجموا الناس وقتلوهم، وكان بينهم أطفال. أحرقوا منزلنا بكل ما فيه من ممتلكاتنا. اغتصبوا النساء. قتلوا ونهبوا... وحتى قبل الهجوم، كان الناس يموتون عطشًا وجوعًا بسبب الحصار الذي فُرض على زمزم منذ عام. كل شيء كان باهظ الثمن ولم يعد بمقدور الناس تحمّل كلفته في النهاية".

وصلت مريم مع والدتها وشقيقاتها وأطفالهن. كانوا أسرة مكونة من 20 فردًا. جميعهم يقضون أيامهم متلاصقين تحت مأوى مؤقت صنعوه من بضع أغصان وقطعة قماش، يتقاسمون الظل القليل الذي يوفره.

وتوضح، "لا يتوفّر الطعام هنا. أعطانا السكان في طويلة بعض دقيق الدخن وصنعنا منه عصيدة. هذا التسوّل هو ما يبقينا على قيد الحياة حتى الآن. نحصل على الماء من الخزان، لكن لا يُسمح لنا بملء أكثر من وعاء واحد لكل عائلة، ونحن 20 فردًا. لدينا بطانية واحدة فقط نتقاسمها جميعا".

منذ 12 أبريل/نيسان، حين بدأ الناس بالتوافد من زمزم إلى طويلة، تغيرت معالم المناطق المحيطة بالبلدة بشكل كامل. فاليوم، تُقدّر أعداد المقيمين في ملاجئ مؤقتة في حقول كانت خالية تمامًا قبل أسابيع قليلة بعشرات الآلاف.

ويقول إبراهيم3 البالغ من العمر 42 عامًا الذي فرّ من زمزم سيرًا على الأقدام مع 11 فردًا من عائلته، "نحن هنا منذ أربعة أيام كما ترون، بلا شيء، من دون جدران أو سقف".

حمل إبراهيم أحد أطفاله على كتفيه والآخر على ظهره طوال خمسة أيام. إنها المرة الرابعة التي يُجبر فيها على النزوح في ظروف مشابهة خلال عشر سنوات. ويصف كيف دخل الجنود إلى منازل الناس، وأخرجوهم منها ثم أطلقوا النار عليهم. قُتل ثلاثة من إخوته بهذه الطريقة. وخلال رحلته إلى طويلة، تعرّض للنهب، وشاهد أشخاصًا يُضربون بوحشية إلى درجة لم يعودوا فيها قادرين على الحركة.

ويضيف، " تحت هذه الشجرة، الظروف شديدة الازدحام، ونفتقر إلى المياه والمأوى... ليس لدينا ما نأكله، والجميع جائع. نحصل على بعض الطعام من المطابخ المجتمعية. وأحيانًا نتمكّن من الحصول على قليل من الأرز عندما يوزّعون الوجبات، وإلا فنضطر للانتظار حتى اليوم التالي لنجد ما نأكله. أما المياه، فنذهب إلى بئر يشرب منه كثيرون، فننتظر ساعات طويلة حتى نتمكّن من الشرب".

لا يعمل إلا قلة من المنظمات في منطقة طويلة، وأعداد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة تفوق قدرتها على الاستجابة بكثير. أنشأت فرق أطباء بلا حدود نقطتين صحيتين في مواقع الوصول الرئيسية لتقديم المياه والدعم الغذائي والطبي الفوري للواصلين الجدد، كما تُحيل فرقنا الحالات الحرجة إلى مستشفى طويلة الذي تدعمه أطباء بلا حدود منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024.

كانت رئيسة الممرضين في أطباء بلا حدود، تيفان سالمون، تعمل في المستشفى يوم تدفّق الحالات الحرجة بأعداد كبيرة في 12 أبريل/نيسان.

وتقول في هذا الصدد، "كانت غرفة الطوارئ مكتظة بالكامل. خلال الأيام الأولى، تضاعف عدد المرضى في المستشفى تقريبًا. وفي لحظة ما، كان لدينا أربعة مرضى في سرير واحد نظرًا لضيق المساحة. أُصيب الكثيرون بطلقات نارية وجروح ناجمة عن الانفجارات، فعالجنا 779 شخصًا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينهم 138 طفلًا و187 حالة حرجة".

وتضيف، "كان أصغر طفل عاينته يبلغ من العمر سبعة أشهر، إذ أُصيب بطلق ناري اخترق ذقنه واستقر في كتفه. كما استقبلنا رُضّع لا يتجاوز عمر بعضهم اليوم الواحد إثر معاناتهم من الجفاف. وصل أطفال كثر من دون ذويهم، فيما كان عدد كبير من الأهل يبحثون بيأس عن أطفالهم".

في الوقت نفسه، شهدت فرقنا في المستشفى ارتفاعًا هائلًا في حالات الإدخال إلى مركز التغذية العلاجية المركّزة، علمًا أنه يعالج الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد بالإضافة إلى أمراض مصاحِبة أخرى. وفي الأسبوع الذي أعقب هذا التدفق، ازداد معدّل الإدخال إلى المركز بعشرة أضعاف تقريبًا، فانتقل من استقبال 6 إلى 7 حالات إلى أكثر من 60 حالة في الأسبوع. وكان معظم المرضى أطفالًا أتوا من زمزم، ما يشكل تذكيرًا واضحًا بالوضع الغذائي الصعب في ذاك المخيم المنكوب بالمجاعة.

ومما يزيد الوضع سوءًا هو بدء ما يُشتبه أنه تفشي للحصبة في طويلة منذ شهر مارس/آذار. فقد عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 900 شخص يُشتبه بإصابتهم بالحصبة منذ مطلع فبراير/شباط، احتاج أكثر من 300 منهم إلى دخول المستشفى بسبب حالتهم الحرجة. دفعتنا خطورة الوضع إلى إطلاق حملة تطعيم واسعة النطاق في المنطقة خلال الأسبوع الأول من أبريل/نيسان، شملت تطعيم نحو 18,000 طفل دون سن الخامسة. لكن بعد أسبوع واحد فقط من بدء تدفق الوافدين من زمزم، عاينت فرقنا عدة حالات يُشتبه بإصابتها بالحصبة بين الأطفال الوافدين حديثًا من المخيم، ما يشير إلى أن المرض قد بدأ بالانتشار داخل مواقع النزوح.

قد تُشكّل الإصابة بسوء التغذية والحصبة في الوقت نفسه خطرًا فتاكًا في مواقع النزوح المكتظة التي تفتقر إلى مقوّمات النظافة، مع عواقب كارثية على الأطفال الصغار.

تواصل منظمة أطباء بلا حدود توسيع استجابتها في طويلة. فإلى جانب توفير مئات الاستشارات الطبية يوميًا، تبرّعت المنظمة بمواد غذائية جافة للمطابخ المجتمعية، ما مكّنها من تحضير وتوزيع أكثر من 16,000 وجبة يوميًا. هذا وتوفّر فرقنا 100,000 لتر من المياه النظيفة يوميًا، مع خطط لبناء 300 مرحاض إضافي.

لكنّ الاحتياجات ما تزال هائلة وتتجاوز بكثير قدرتنا على الاستجابة. ورغم بدء بعض الجهات الإنسانية بالتحرّك وتنفيذ أول توزيع جماعي للغذاء، إلا أن الاستجابة الإنسانية لا تزال بحاجة ماسّة وعاجلة إلى توسيع كبير. نحثّ وكالات الأمم المتحدة على تعزيز وجودها الميداني بشكل ملموس، بما يتيح تنسيق استجابة تتناسب مع حجم الأزمة والاحتياجات المتزايدة على الأرض.

 

1. https://reliefweb.int/report/sudan/sudan-displacement-zamzam-camp-north…

2. تم تغيير الاسم

3. تم تغيير الاسم