قامت منظمة أطباء بلا حدود بتسليم خدماتها الطبيّة في مستشفى الوحدة لجراحة العظام والرعاية الشاملة ما بعد الجراحة في أيسر الموصل إلى مديرية صحة نينوى، بعد ست سنوات من تقديم الرعاية الجراحية في أعقاب الحرب في الموصل. ويأتي هذا القرار مع حدوث تقدم في رحلة تعافي مدينة الموصل بعد سنوات طويلة من الحرب.
تقول جيلبرتا جايروس، المرجع الطبي لمشروع أطباء بلا حدود في الموصل: عندما أقارن الموصل اليوم بما رأيته خلال زيارتي السابقة في عام 2017، أرى أن المدينة تتعافى: في طرقاتها، ومستشفياتها، ومدارسها، وأحيائها. وعلى الرغم من بطء وتيرة التعافي، إلّا أنّها تحدث". جاءت جيلبرتا لأول مرة إلى الموصل كممرضة صالة عمليات جراحية عندما كانت الحرب في الموصل لا تزال مستمرة.
شفاء ندوب الحرب
افتتحت منظمة أطباء بلا حدود مستشفى الوحدة في أبريل/نيسان 2018 استجابة للحاجة الملحة للرعاية الجراحية وما بعد الجراحية لأولئك الذين أصيبوا خلال الحرب. وبدأ المرفق بغرفة عمليات جراحية متنقلة وقسم للمرضى الداخليين يضم 40 سريراً حيث يمكن للمرضى البقاء حتى يتعافوا بما يكفي للعودة إلى بيوتهم. وفي ذلك الوقت، كانت قدرة الموصل على تلبية الرعاية الصحية للسكان منخفضة للغاية، وذلك بسبب أعداد الناس الذين كانت لديهم احتياجات طبية بعد المعارك، وبسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بمرافق الرعاية الصحية الرئيسية في المدينة والتي أخرجت كثيراً منها عن الخدمة.
يقول طه حسين، عضو فريق التعزيز الصحي لمنظمة أطباء بلا حدود في مستشفى الوحدة: خلال الحرب، نزحنا عدة مرات، وكانت أيامنا مظلمة وحزينة. عندما عدنا أخيراً إلى المنزل بعد الحرب، لم يكن أي شيء كما كان من قبل. لم يَسلم من الحرب شيء. كان قطاع الرعاية الصحية من بين القطاعات الأكثر تضرراً في المدينة".
بعد فترة وجيزة من بدء المستشفى في استقبال أوائل جرحى الحرب، أصبح الحجم الحقيقي لاحتياجات الناس الطبية أكثر وضوحاً. واستجابة لذلك، قررت منظمة أطباء بلا حدود زيادة عدد أسرة المستشفى وتوسيع معايير القبول لاستيعاب المزيد من المرضى والجرحى.
يقول صدام عبد المنعم، الذي بدأ بتلقى العلاج في مستشفى الوحدة في عام 2019: "لم أكن أستطيع الوقوف على قدمي لفترة طويلة، وكانت حالتي تزداد سوءاً. جئت إلى هنا وتلقيت كل العلاج الذي أحتاجه مجاناً. كانت الرعاية شاملة، والآن أشعر بتحسن كبير عن ذي قبل".
العمل على جبهتين: البناء والتعامل مع الوباء
كانت أعمال البناء لتوسيع المستشفى قد بدأت بالفعل عندما ظهرت جائحة كوفيد-19 وشكلت تحدياً جديداً لنظام الرعاية الصحية الذي كان لا يزال هشاً في المدينة. واصلت أطباء بلا حدود أعمال البناء، وفي الوقت نفسه حولت غرف العزل الفردية الأربعين التي تم بناؤها حديثاً والتي كان من المفترض أن تستضيف المصابين للتعافي من الكسور، إلى وحدات عزل المصابين بكوفيد-19 الذين يعانون من إصابات خفيفة إلى متوسطة.
عندما بدأ التأثير الحاد لكوفيد-19 في التلاشي، افتتح مستشفى الوحدة أبوابه مرة أخرى كمستشفى لجراحة العظام مع غرفتي عمليات مجهزتين بالكامل للسماح بمجموعة واسعة من العمليات الجراحية للأشخاص المصابين في أذرعهم وأرجلهم.
كانت العدوى المقاومة لمضادات الميكروبات من بين التحديات الرئيسية التي عقّدت شفاء وتعافي المصابين الذين أصيبوا خلال الحرب. وكان لغرف العزل الفردية دور محوري في تجنب انتشار هذه العدوى من مصاب إلى آخر.
كانت رحمة واحدة من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى. وتذكر والدتُها، إكرام، الأيام الصعبة التي مرت بها رحمة بسبب إصابتها بالعدوى. "مرت أوقات اعتقدنا فيها أننا فقدنا ذراع رحمة، إذ لم تكن تستطيع تحريكها، وكانت العدوى شديدة للغاية. لم أستطع تحمل تكاليف اصطحابها إلى الخارج لتلقي العلاج، ولكن بعد أربع عمليات جراحية وبعد 40 يوماً، تم إنقاذ ذراعها والآن يمكنها استخدامها".
لم يعالج المستشفى خلال سنوات إنشائه الست الاحتياجات الطبية العاجلة فحسب، بل أسهم أيضاً في البنية التحتية الصحية طويلة الأمد في الموصل. ومن خلال توفير التدريب المتخصص والدعم للعاملين الصحيين المحليين، يهدف المشروع إلى تعزيز مهاراتهم وقدراتهم، وضمان استمرار حصول المجتمع على رعاية صحية عالية الجودة حتى بعد تسليم المشروع.
لا تزال منظمة أطباء بلا حدود موجودة في الموصل حيث توفّر رعاية الصحة النفسية وخدمات الأمومة وطب الأطفال وحديثي الولادة التي تشتد الحاجة إليها في أحياء النهروان ونابلس في أيمن الموصل حيث تدير منظمة أطباء بلا حدود مستشفى نابلس الميداني وعيادة الأمل للولادة. كما قمنا مؤخراً بتوسيع أنشطتنا لتشمل حي العبور، لزيادة وصول الناس إلى الرعاية الصحية الأولية.
مستشفى الوحدة في أرقام
- 4،914 عملية جراحية
- 3،068 حالة رقود في قسم المرضى الداخليين
- 33،998 استشارة طبية في قسم العيادات الاستشارية
- 96،173 جلسة تثقيف صحي